متاهات
الزيارات:

Unknown | 5:48 م | اترك أثرا :)!
لملمت ما تبقى من شتاتي بحثا عن حلم فقدته .. أو أمنية وضعتها بين صفحات كتبي ..

تنقلت ببصري بين أرجاء غرفتي كثيرا ..

 قفزت كفراشة من ذكرى إلى أخرى .. تأملت .. نظرت .. و أيقنت ..

 تنهدت ببطء شديد .. فتحت جهاز التلفاز ..

 استقر بي المطاف على إحدى القنوات الإخبارية .. راعني ما رأيته من مناظر .. مجازر بشرية في شتى الأرجاء ..

نهش بي الحزن أكثر مما مضى .. انتشلني من دائرة حياتي ..

حاولت إمساك دمعة خطت لنفسها مجرى على خدي .. بدأت في استعادة تفاصيلي .. في تذكر ماهيتي ..

 لم تفلح تلك الصور في أن تصفني ..

 و لم تتمكن المرايا الكثيرة المنتشرة في كل مكان من إعادتي إلى نفسي .. كنت هناك و لا أدري .. كنت أمامهم و لم أشعر .. بدا كل شيء مجردا من لا شيء .. ظننت أن تلك الحياة تستهويني و شريط ما شاهدته لا زال يعاد على ذاكرتي و كأنه يجبرها على العيش بداخله .. أو التمرغ في أحداثه ..

تذكرتهم .. شعرت بهم .. و مددت يدي لأدنو منهم .. فلم أنجح في إحداث تغيير .. أو الدنو من نجاح .. إلى أن اتضحت أمامي الحقيقة بجرأة .. أن لا طريق إلا الدعاء .. فرفعت كفي و دعوت من أعماقي .. سائلة ربي أن يخفف عنهم و يحقق سؤلي ..


أكمل النبض() ..
     لا زلت أتذكر ذلك الصباح جيدا .. عندما داهمت القوات الأمريكية حضارة العروبة بغداد في مارس 2003 م ..

كنت وقتها في الصف الخامس الابتدائي ..

وقفت بجانب أمي و هي تشاهد سقوط أول قنبلة لجيش الغزو الغاشم على عروس العرب فتوقظها من منامها و تهب للملمة شتاتها ..

 سقطت عليها القنبلة و سقط معها جسدي .. و بقي ذلك الحدث في ذاكرتي من بين الأحداث التي تمحى ..

 اهتممت بعدها بمتابعة أخبار أرض بابل .. ما ذا جرى لها و ما المقرر حدوثه ..

كبرت و كبرت صورة بغداد بين جنباتي .. و لا زال ذلك الموقف يراودني ..

انشغلت بعدها بأمور عدة .. و لحظة الالتفات لأمتي كانت لا تأخذ فيها بغداد نصيبا كافيا إذ أن الجراح تسيل من جميع أجزاء الجسد العربي فكيف نبحث عن طبيب لجزء واحد ؟؟ ..

كانت تلك الأحداث بمثابة ابتعادي عن المسرح البغدادي .. تمر أخبارها سريعا .. فألمح طرفا منها دون أن أستزيد .. إلا أن صورة الدمار الأول تمر علي في اليوم عدة مرات ..

 بالأمس راودتني أسئلة عن مصير بغداد اليوم .. و تذكرت التقاسيم التي تنحت فيها و في كل شبر من أرض العروبة .. تذكرت ذلك السوس الناخر في جسدها ..

عادت إلي نفسي و أنا أتابع مسلسل نهايتها و أنا ممسكة بجدي لحظة المناظر المؤلمة ..

طفلة كنت وقتها و يالها من طفولة .. استقرت بي الذاكرة على الفوضى العارمة التي تشهدها .. بغداد منبع الحضارة إلى أين تود شمسك الرحيل ؟؟..

لملمت الأمل الموزع بين جنباتي و نثرته على شتات تلك المدينة الحالمة .. تمنيت لو أستطيع إيقاف عجلة التاريخ و العودة بها إلى ما قبل 2003 م ليتدارك أهلها ما يمكن تداركه ..

أحسست بالألم يقبض صدري و يسألني بحسرة شديدة .. من الثالثة بعد القدس و بغداد ؟؟ .. نظرت و جراح الألم المسجى على كامل الجسد العربي يظهر أمامي ..                    
أكمل النبض() ..
     اترك أثرا .. و ضع بصمتك .. فإنك مغادر .. و لم يبق فيك إلا عدة زفرات ستطلقها .. و ستنتقل بعدها إلى حياة أخرى .. ملكها

ملك الملوك .. جيرانك من سبقك من الأموات .. حياتك فيها تكون قد حددتها من قبل و لامجال فيها لتصحيح الأوضاع .. حياة ستنقل

إليها شئت أم أبيت .. صغيرا كنت أم كبيرا .. شابا أم شيخا .. رجل أم امرأة .. كل تلك الاعتبارات لا تهم .. لا تنفع فيها الواسطة .. لا

تفيدك فيها قرابتك من فلان .. إذ أنه هو لا يغني عن نفسه شيئا .. لا تشفع لك فيها جنسيتك أو عرقك أو لونك .. فالجميع سواسية .. و

يبقى العمل هو المعيار .. ما ذا قدمت هو ما ستراه أمامك .. ما ذا زرعت هو ما ستجنيه و تحصده .. كيف كنت هو ما سيحدد أين

ستكون .. حياة مكملة لما عشتها لكن بتحمل لنتائج الأفعال .. معادلة مترادفة في طرفيها غير أنه لا يمكن الرجوع إلى طرفها الأول ..

ستحتاج لمن يقف بجانبك .. لمن يساندك و يؤازرك .. فلن تجد سوى عملك الذي اخترته في الدنيا .. صلاتك .. صيامك .. أخلاقك و

تعاملاتك .. هي من سيكون بجانبك .. هي من سيربت على كتفك إن قد وجهتها المسار الصحيح .. و هي من سيشيح بوجهها عنك إن لم

تحسن استثمارها .. دعوات من أقاربك قد تنالها لكنها لن تدوم طويلا فسرعان ما ستشغلهم عنك الحياة .. دموع غزيرة قد تذرف عليك

أول أيامك ثم تبدأ بالتناقص شيئا فشيئا مع مرور الزمن .. ذكرياتك .. أحاديثك .. مواقفك و تصرفاتك .. ستكون من أبرز ما سيحكي

عنك .. قد تبكيك الأرض و السماء .. و تحن إليك المساجد و القباب .. و قد تكون لا تعرفك و لا تعرف أنك جار المسجد القريب

بجسدك .. و البعيد عنه بغفلتك .. صدقة جارية .. علم ينتفع به .. ولد صالح يدعو لك .. هي ما سيبقى .. و هي ما سيذكر أن فلان مر

من هنا .. أين بصمتك ؟؟ .. أين أثرك ؟؟ .. و أين التغيير الذي أحدثته ؟؟ .. أين الأمور التي ستكون شاهدة لك و أنت فوق الأرض .. و

أنت تحت الأرض .. و الأهم ستشهد لك يوم العرض .. أين أنت من هذا ؟؟ .. أين أنت من الإيقان بالنهاية ؟؟ .. كم من صغير مات و لم

يتوقع ذلك .. و كم من والد دفن ابنه .. كم و كم و كم .. أرقام تعجز أمامها لغة الحروف إلا من قول :: ضع بصمتك فإنك مغادر .. و

اترك أثرا لا يمكن أن تمحوه الأقدام ..
أكمل النبض() ..

ذوات خجلى !!
الزيارات:

Unknown | 6:53 م | اترك أثرا :)!
ذوات خجلى
     في أحيان كثيرة .. يحجم بعضنا عن بعض الزيارات .. عن بعض الاجتماعات أو حتى اللقاءات الخفيفة .. خجلا من نفسه أو من أن تخذله في ذلك الموقف المهم بالنسبة له .. فيكون الغياب أفضل بديل و البحث عن عذر أسهل من المواجهة بكثير ..
     كلنا تزعجنا أمور في ذواتنا .. قد تتعلق بالجوانب الخارجية الشكلية أو ربما تكون في الجانب الباطني الداخلي إلا أن القاسم المشترك بينها هي أننا نعتبرها تعيبنا و نتجنب إظهارها بأي حال من الأحوال ..
     نظل نهتم بألا نتعرض لموقف نخجل فيه من أنفسنا بشكل كبير يطغى على اكتراثنا بجانب آخر لا يقل عنه أهمية بل و يضعنا تحت المجهر بقوة متى ما سرنا خلف أهوائنا و غلبنا عواطفنا لنجد أننا أمام ذوات خجلة منا بكل أبعاد الكلمة و مقاييسها و لربما تمنت لو أنها لم تكن تنتمي لنا يوما ..
     تصرفاتنا الطائشة التي لا نحسب لها أي حساب تخجل تلك الذات التي بين جنبينا و يجعلها تجاهد لإيقاظ ضميرنا الداخلي لعلها بذلك تتمكن من التغلب على الحماسة الغير مقبولة منا دافعة بنا لتصرفات تعيبنا و تكون وصمة عار في تاريخنا ..
     علينا قبل أن نخجل من شكل لا يمكن تغييره .. أو صفة تحتاج لبعض الرعاية .. أن نفكر جيدا و نحكم عقولنا في تصرفاتنا .. فما من شيء أشد إيلاما من وخزات الضمير الحي في نفس صاحبه ..

                                                                
أكمل النبض() ..
     اليوم و أنا أستعرض تفاصيل حياتي و ذكريات سابقة تذكرتك .. رغم أني لم أحظى بشرف الحديث معك أو الشعور بك إلا أنني أحمل لك الكثير .. صورتك التي يحتفظ بها أبي تظهر كم كنت شخصا متميزا و (( قويا )) .. أخبارك التي أسمعها بين الفينة و الأخرى تبين لي مدى إنسانيتك المتدفقة في زمن قلما نجد فيه الإنسانيون ..
     أخبرني أبي بسعادتك عندما سمعت خبر مولدي .. و أنك عدت من سفرك لرؤيتي .. كما كنت مساهما في قرعة الأسماء التي اقترحوها لي .. و آلت النتيجة إلى الاسم الذي اقترحته أنت و عمي .. من كان يدري أنني سأظل أفتخر باسمي "" عبير "" فهو يذكرني بشخصين امتهنا الرحيل .. أحدهما من رحل إلى ربه و هو أنت يا جدي .. و الآخر من لم أره منذ ستة سنوات لعيشه في أمريكا و هو عمي .. أكان يحسب لهذا الأمر ؟؟ .. لا أدري .. لكنها أقدار الله التي لا نشعر بها إلا عند ظهور النتيجة !!..
     اليوم تذكرتك يا جدي .. و تذكرت تلك السيارة التي رمت بك ميتا على طريق الرياض .. شعرت بوخزات من الألم تجاه ما حل بك .. أحسست بنوع من الاطمئنان يا جدي لأني وقتها كنت في السنة الأولى من عمري .. فلو كنت أكبر من ذلك قليلا لكنت بكيتك .. و ما أظني سأتوقف عن البكاء سريعا .. و لربما امتد سقوط دمعاتي حتى هذه اللحظة كلما هبت نسائم ذكراك .. لم أكن أتصور كيف احتمل عمي – وهو ابن الثالثة عشر آنذاك – رؤيتك و أنت تصارع الموت .. كيف رآك و أنت تفارق هذه الدنيا .. ربما هذه الحادثة كانت سببا في ألا يتحدث كثيرا عنك .. أو هي من أشعرته بضرورة الرحيل فرحل إلى أقصى الغرب دون أن يعود إلينا .. لا أدري – يا جدي – هل كانت للحظة وفاتك تغييرا لمجرى حياة الكثيرين ؟؟ .. أم أني أنا من أشعر بذلك لأني لم أعرفك جيدا .. مهما حدث .. فلدي سر .. أود أن أهمس به إليك .. كم أرغب في مرافقتك في الفردوس يا جدي ..


                              الاثنين ::
27-2-1432هـ
31-1-2011 م    
أكمل النبض() ..